"تدريب الأهلي حلمي، وكرة القدم فرص" .. هكذا قال حسام البدري قبل ساعات من إعلان تعيينه مديرا فنيا للفريق الأحمر، ولكن الفرصة تأتي للبدري في صورة ميدالية ذهبية في سباق لألعاب القوى، ينبغي عليه خلاله القفز فوق أربعة حواجز أساسية حتى لا يتحول الحلم إلى كابوس.
17 عاما من الأجانب
سواء نجح البدري في مهمته الجديدة أم لا، فسيظل تعيينه علامة فارقة في تاريخ فريق الكرة في النادي الأهلي باعتباره المدرب المصري الأول الذي يتبوأ المقعد الساخن في الفريق منذ 17 عاما.
المدرب المصري الأخير الذي عمل مديرا فنيا في الأهلي كان أنور سلامة في عام 1992 ومنذ ذلك الوقت والأهلي ملتزم باتجاه صريح بالاعتماد على المدربين الأجانب.
ودائما ما يفضل الأهلي والزمالك عدم الاعتماد على مدرب مصري حتى لا يواجه حربا خفية أو معلنة من زملائه من "أبناء النادي" إضافة إلى تمتع الأجانب بقدر أكبر من الموضوعية ونسبة أقل من الاعتماد على العاطفة، ما يعطي الفريق لمحة من الصرامة المطلوبة في الفرق الكبيرة.
وحتى مع عدم وجود مدربين من أبناء الأهلي قد يكونوا طامعين في المنصب، بسبب أولوية البدري الذراع الأيمن للمدرب الأسطوري السابق مانويل جوزيه طوال السنوات الماضية، فإنه بالتأكيد سيواجه قدرا غير بسيط من التشكيك في قدراته خاصة مع عدم توليه مسؤولية الرجل الأول من قبل في أي ناد.
وسبق لعدد من المدربين النجاح في مقعد المدير الفني في أول تجاربهم مثل يورجن كلينسمان مع المنتخب الألماني وجوسيب جوارديولا مع برشلونة ولكن تبقى ورقة المدرب الأجنبي مستعدة للظهور في أول موقف صعب للبدري مع الفريق.
ظل جوزيه
يعلم الجميع أن الخروج من ظل جوزيه هو التحدي الأول الذي سيواجه خليفة المدرب البرتغالي، ولكن الأمر أصعب كثيرا بالنسبة للبدري.
وكانت جماهير الأهلي ستقارن بين نتائج وإنجازات جوزيه وأي مدرب يخلفه، ولكنها ستكون مدركة أن المدرب الجديد سيكون له أسلوبه ومدرسته في العمل، لأنه سيحضر بتاريخه وخبراته الخاصة المختلفة عن ساحر البطولات الأهلاوي.
إلا أن الوضع مع البدري مختلف تماما. فقبول نسبة كبيرة من الجماهير الحمراء له في مقعد المدير الفني نابع من أمل في أن يحافظ على كل كبيرة وصغيرة في منظومة جوزيه سواء في المران أو اختيار التشكيل أو التبديل وأمور أخرى.
ويرى المؤيدون أن الرجل الثاني في طاقم جوزيه هو الأقدر على الحفاظ على سرعة السفينة ومسارها نحو البطولات، ولكن ما إن يبدأ البدري في تطبيق أي تطوير أو فكر خاص به، فإنه سيواجه هجوما عنيفا، لاسيما إن لم تأت أفكاره الخاصة بثمارها سريعا.
ويتعين على البدري أن يحافظ على ميزان حساس بين النظام القائم بالفعل وبين أفكاره الخاصة التي يريد تطبيقها حتى يستطيع إحداث التحول المطلوب بلا آثار جانبية سلبية.
حواجز تقف في طريق البدري:
• عقدة الخواجة
• عباءة جوزيه
• شخصية الرجل الأول
• التاج الإفريقي
هل يتخلص البدري من ظل جوزيه؟
شخصية الرجل الأول
عادة ما يتم التحول من منصب المدرب إلى المدير الفني بصورة سلسة في أوروبا بسبب الطبيعة الاحترافية لكل أفراد الجهاز الفني واللاعبين، ولكن الأمر في مصر قد يكون مختلفا بعض الشئ.
فاللاعب المصري معتاد بصورة كبيرة على اللجوء إلى المدرب العام المصري الذي غالبا ما يتسم بالمرونة والهدوء في مقابل شخصية المدير الفني العصبي أحيانا والصارم دائما.
وتعتمد إدارات الأندية على وجود مدرب عام مصري صاحب خبرة يستطيع احتواء المشاكل التي قد تنتج عن صدام شخصيات اللاعبين وعاداتهم مع ثقافة أوروبية مختلفة يحاول المدير الفني تطبيقها .. بعبارات أخرى فإن المدرب العام عادة "يرخي الحبل" حينما "يشده الخواجة".
ولن يستطيع البدري الحفاظ على النمط نفسه من التعامل مع اللاعبين بعدما تحول إلى مقعد المدير الفني، الذي يجبره على أن يكون أكثر صرامة في مواقف كثيرة ربما كان يتبع فيها الهدوء سابقا في ظل وجود جوزيه.
السؤال الآن: هل سيعي اللاعبون سريعا طبيعة التحول في علاقة البدري بهم وأسلوبه الجديد في التعامل أم سيضطر هو إلى اتباع قدر أكبر من المرونة كي لا يخسر أرضا مع أفراد فريقه؟
التاج الأسمر
أرسى جوزيه قاعدة جديدة في عقول جماهير الأهلي، وهي أن الفوز بالدوري الممتاز سنويا لم يعد العادة الوحيدة للفريق الأحمر، وإنما بات دوري أبطال إفريقيا هدفا ثابتا كل موسم، وتعد خسارته مفاجآة بدلا من أن يكون الفوز به إنجازا.
ففي المواسم الأربعة الأخيرة التي شكلت فترة جوزيه الثانية مع الأهلي، وصل بطل مصر إلى نهائي دوري الأبطال في كل سنة، وفاز بها ثلاث مرات وخسر التاج الأسمر مرة واحدة فقط في ظروف مثيرة للجدل لايزال بعضهم يتحدث عنها إلى الآن.
وكان توديع الأهلي للبطولة هذا الموسم من دور الـ16 أمام كانو بيلارس النيجيري صدمة لكثير من المشجعين الذين كانوا ينتظرون الظهور في النهائي الخامس على التوالي.
وسيكون بلوغ المراحل الأخيرة من دوري الأبطال المحك الحقيقي الذي ستبني عليه جماهير الأهلي وإدارته تقييمهم لقدارت البدري الفنية وليس درع الدوري الممتاز الذي تعد خسارته أمرا غير مقبول في الأوساط الحمراء.
ومع ارتفاع أصوات الكثيرين مطالبة بتجديد دماء الفريق، والتي بدأت بالفعل برحيل شادي محمد وحسن مصطفى واحتراف فلافيو واعتزال عماد النحاس، فإن مهمة البدري القارية لن تكون سهلة خاصة إذا قرر الاعتماد على عدد من اللاعبين الذين لم يحصلوا على فرص كافية مع جوزيه في السنوات الأخيرة.