شباب قطور الثانوية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مدرسة
 
الرئيسيةالبوابة الجديدةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الطــــــــاووس د. نبيل فاروق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Ahmed Wael
مدير الموقع
مدير الموقع
Ahmed Wael


عدد المساهمات : 1148
نقاط : 7540
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 20/04/2009
العمر : 31
الموقع : kotorthanwya.blogspot.com

الطــــــــاووس د. نبيل فاروق Empty
مُساهمةموضوع: الطــــــــاووس د. نبيل فاروق   الطــــــــاووس د. نبيل فاروق Emptyالأحد نوفمبر 01, 2009 6:13 am


صفحات من تاريخ الجاسوسية


الطــــــــاووس
د. نبيل فاروق


بالتقليب فى أوراقى القديمة اخترت أن أتيح لكم بقسم المخابرات المصرية ، عملاً للدكتور ( نبيل فاروق ) ، يعود تاريخه إلى يوليو 1999 ، ضمن أعمال الجاسوسية ، التى تنشر بباب ( صفحات من تاريخ الجاسوسية ) بمجلة ( الشباب ) .. كتبته من أجل محبى بلادنا ، و مخابراتنا ، و نصرنا .. .. استمتعوا معى يا رفاق .



الـطـاووس


لم تكن عقارب الساعة قد بلغت السابعة بعد ، فى ذلك اليوم من بدايات صيف 1973م ، فى ( تل أبيب ) ، عندما استيقظ رجل المخابرات الإسرائيلى ، البولندى الأصل ( يارون ديلشمسكى ) ، على رنين الهاتف المجاور لفراشه ، فأسرع يختطف سماعته ، قائلاً بصوت خشن ، لم تفارقه رائحة النوم بعد :
- ( ديلشمسكى ) .. من المتحدث ؟!
أتاه صوت رئيسه المباشر ، و هو يقول فى صرامة :
- استيقظ و افتح عينيك يا ( يارون ) .. أريدك فى مكتبى بعد نصف الساعة فحسب .. الأمر عاجل للغاية .
أنهى رئيسه الإتصال ، بعد هذه العبارات المقتضبة المباشرة ، على نحو يوحى بأنه غير مستعد لإضاعة لحظة واحدة ، فهب الرجل من فراشه ، و راح يرتدى ملابسه على عجل ، و لم يمض نصف الساعة ، الذى أشار اليه رئيسه ، حتى كان يقف أمامه ، فى مبنى ( الموساد ) و هو يقول :
- ترى أى أمر عاجل هذا ، الذى يستدعى العمل فى هذه الساعة المبكرة ؟!
رمقه رئيسه بنظرة جافة ، و مط شفتيه لحظة ، قبل أن يقول :
- رئيسة الوزراء تقول : إن المصريين يستعدون لشن الحرب .
ارتفع حاجبا ( ديلشمسكى ) فى دهشة ، لم تلبث أن استحالت إلى ابتسامة ساخرة و هو يقول :
- و من أين استقت سيادتها معلوماتها هذه ؟! .. المفترض أننا الجهاز المسئول عن مدها بالمعلومات .
هز رئيسه رأسه ، قائلاً فى حزم :
- لسنا وحدنا فى هذا .. هناك المخابرات الحربية ( أمان ) و جهاز الأمن الداخلى ( شين بيت ) و كلاهما لديه جواسيس و عملاء فى كل مكان و ربما حصل أحدهم على معلومة ما .
قال ( ديلشمسكى ) فى حزم واثق :
- لا يمكن أن يحصل أحدهم على معلومة لم تبلغنا .
ثم أشار إلى صدره فى زهو شديد ، مضيفاً :
- نحن الأفضل .
أشاح رئيسه عنه بوجهه ، و انعقد حاجباه ، و هو يمط شفتيه فى ضيق واضح ..
كان هذا بالضبط ما يمقته فيه و يبغضه كل البغض ..
صحيح أنه رجل مخابرات بارع فى مضماره ، أدار عمليات ناجحة عديدة ، إلا أن زهوه و غروره ، و ثقته الزائدة بنفسه أمور بغيضة ، تجعله أشبه بطاووس متباه ، لا يحلو له أن يسير إلا مفرود الذيل ، متفاخراً مرحاً ..
و بنفس الثقة المستفزة ، و اللهجة المثيرة للأعصاب ، قال ( ديلشمسكى ) ، و هو يلوح بيده فى أناقة ، و كأنما يؤدى مشهداً تمثيليا :
- ما دامت المعلومة لم تصلهم من خلالنا ، فلا يمكن الوثوق بها أبداً .
ابتلع رئيسه ضيقه هذه المرة ، و هو يقول :
- المهم أن نثبت هذا ، على نحو لا يقبل الشك .
سأله ( ديلشمسكى ) فى اهتمام :
- و كيف هذا ؟
أشار رئيسه بيده ، مجيباً :
- رئيسة الوزراء رشحتك شخصياً ، بصفتك المسئول عن المعلومات العسكرية المصرية ، للتحقق من الأمور ، و الحصول على جواب صحيح و مباشر ، لا يقبل الشك ، للسؤال الذى يقلق كل مسئول فى ( اسرائيل ) الأن .
ثم مال نحوه ، مضيفاً فى حزم صارم :
- هل سيحارب المصريون أم لا ؟!
منذ نطق رئيسه بالعبارة ، لم يعد هناك عمل لرجل المخابرات الإسرائيلى سوى البحث عن جواب السؤال ، و جمع كل المعلومات الممكنة ، حول استعدادات المصريين ، و قدراتهم و رغبتهم الفعلية فى شن الحرب ، و السعى لإستعادة أرضهم المحتلة
و على الرغم من زهوه و غروره ، كان ( ديلشمسكى ) بالفعل رجل مخابرات بارع ، يعمل دوماً فى دقة و مهارة ، و يجيد التعامل مع رجاله ، و توزيع الأدوار عليهم ، و جمع كل ما جلبوه من معلومات ، و تفنيدها ، و تصنيفها ، و الفوز بأكبر قدر ممكن من الفائدة منها ..
لذا فقد أطلق ذئابه فى كل صوب ، طلب منهم جمع كل معلومة ممكنة ، سواء أكانت عسكرية ، أم اقتصادية ، أم حتى اجتماعية
و لكن كل ما جمعه زبانيته من معلومات ، لم يكن من الممكن أن يحسم الأمر قط ..
فالرئيس ( السادات ) يبدو منشغلاً بمشكلات الجبهة الداخلية ، و محاولات الإستقرار على مقعد الحكم ، و القاعدة الطلابية تبدى غضبها و توترها و رفضها لاستمرار حالة اللاسلم و اللاحرب ، و مشكلة الخبراء السوفيت بلغت أوجها ، كما صنع طردهم المفاجئ فجوة غير محسوبة ، فى النظام العسكرى ، الذى اعتاد وجودهم لعدة سنوات
و كل هذا يتعارض مع بعضه البعض ، و يتداخل ، على نحو يجعل الوصول إلى قرار حاسم أمراً مستحيلاً .
و بحسبة محترفة بسيطة ، وجد ( ديلشمسكى ) أنه بحاجة الى جاسوس ..
ليس جاسوساً عادياً ، و إنما شخص فى مركز كبير أو حساس ، بحيث يمكنه الإطلاع على ما يجهله العامة ، و بلوغ قدر من المعلومات لا يتوافر للشخص العادى ..
و لابد و أن يكون هذا الشخص من العاملين أو المرتبطين ارتباطاً وثيقاً بالقوات المسلحة المصرية ، على نحو أو آخر ..
و بكل همة و نشاط ، مع كثير من الثقة ، راح ( ديلشمسكى ) يدرس الأمر مع فريق خاص من رجاله ، و قضوا الليالى فى البحث و التنقيب ، و الفرز و التجنيب ، وسط كومة من ملفات كل الأشخاص ، الذين يمكن إستغلال مواقعهم ، فى ( مصر ) و ( سوريا ) ..
و بعد أسبوع كامل بلا نوم ، وقع اختياره على ( إبراهيم )
المهندس ( إبراهيم كريم ) ، كبير مهندسى أحد المصانع الحربية المصرية ، و المسئول الأول عن خط إنتاج الذخائر و الأسلحة الخفيفة فى ( حلوان ) ، و الوثيق الصلة ببعض كبار قادة و ضباط الجيش
المشكلة الوحيدة كانت فى البحث عن نقطة الضعف ، أو وسيلة السيطرة المباشرة على المهندس ( إبراهيم ) ، لإجباره على العمل لحساب الموساد و تزويده بكل المعلومات المطلوبة ، عن الجيش ، استعداداته ، و احتمالات خوضه للحرب من عدمه
و لم يستغرق هذا طويلاً بالنسبة لرجل مثل ( ديلشمسكى )
فنقطة ضعف ( إبراهيم ) الوحيدة هى ابنه ..
و لقد انجب ( إبراهيم ) ابنه ( طارق ) هذا ، بعد عشر سنوات من الزواج ، و بعد أن دار مع زوجته على عيادات الأطباء ، و مستشفيات ( مصر ) و ( أوروبا ) ، حتى تسرب اليأس الى نفسيهما ، و تصورا أنهما سيقضيان عمرهما بلا أبناء
ثم فجأة ، حدث الحمل ..
لم يصدقا نفسيهما فى البداية ، وراحا يدوران مرة أخرى على الأطباء ويجريان عشرات التحاليل و الفحوصات ، قبل أن يطمئنا إلى أن الأمر حقيقة ، وأن الله ( سبحانه و تعالى ) قد من عليهما بالإنجاب ..!
و لم تكن فترة الحمل بلأمر السهل ، فقد كان على الزوجة أن ترقد خلالها على فراشها ، و تحذر أية حركات مفاجئة ، أو تصرفات عنيفة ، و أن يقوم هو و والدتها على خدمتها ، بكل صبر و عناية و أمل ..
و أخيراً ، جاء ( طارق ) طفلاً جميلاً باسم الثغر ، ورث جمال أمه و ذكاء أبيه و صار أملهما الوحيد فى الحياة و المستقبل ..
و اليوم كبر ( طارق ) و صار شاباً يافعاً ، فى عامه السادس عشر
و صار أيضاً من وجهة نظر ( ديلشمسكى ) ، نقطة الضعف الكبرى ، فى حياة المهندس ( إبراهيم ) ، الذى لا يسكر ، أو يقامر ، أو يهتم بالعلاقات النسائية
و لثلاث ليل أخرى ، راح ( ديلشمسكى ) يدرس الأمر مع رجاله ، للبحث عن وسيلة مثلى ، للإستفادة من نقطةالضعف هذه ، لتجنيد ( إبراهيم ) و دفعه لمدهم بكل المعلومات المطلوبة و المنشودة
و لم ترق فكرة واحدة ، من كل الأفكار التى تم طرحها ، لرجل المخابرات الثعلب ( ديلشمسكى ) الذى لم يلبث أن طرح فكرته فى النهاية
كانت فكرة مجنونة للغاية ، تحمل غروره و غطرسته ، و ثقته الزائدة بنفسه ، و لكنه راح يدافع عنها بعناد و إصرار ، حتى وافق الجميع عليها مع مطلع الفجر .
و فى أوائل سبتمبر 1973م ، اختفى ( طارق ) فجأة ..
و جن جنون ( إبراهيم ) و زوجته ، و قفزت أفكارهما الى الإتصال بالشرطة ، للبحث عن ابنهما الوحيد ، لولا أن تلقيا اتصالاً محدوداً
« ( طارق ) عندنا ، و سيتم ذبحه بلا رحمة ، لو حاولتما الإتصال بالشرطة ، أو بأية جهة أخرى .. »
و حدد المتحدث موعداً و مكاناً للقاء
و بكل ذعره و رعبه و هلعه ، ذهب المهندس ( إبراهيم ) إلى المكان المحدد ، فى الموعد المطلوب تماماً ..
و انتظر ..
انتظر طويلاً و كثيراً ، قبل أن يظهر شخص نحيل طويل ، متجهاً إليه بسيارة صغيرة ثم يقول فى صرامة :
- هيا لنذهب الى حيث ( طارق )
قفز المهندس ( إبراهيم ) إلى السيارة ، و دق قلبه فى توتر بلا حدود ، و هو يسأل سائقها ، الذى انطلق بها فى طريق المقطم :
- اين ( طارق ) ؟!..كيف هو ؟!
اجاب الرجل فى برود :
- بخير .. لو أطعت أوامرنا
هتف بسرعة :
- سأفعل كل ما تريدون ، و سأدفع أى مبلغ ، مقابل إعادة ابنى
أوقف الرجل سيارته ، فى منطقة مقفرة تماماً و هو يجيب :
- اطمئن .. لن تدفع شيئاً .. بل ربما تحصل على ثروة
لم يفهم المهندس ( إبراهيم ) ما يعنيه هذا فسأله فى حيرة :
- و كيف ؟!لم يجب الرجل على سؤاله ، و إنما غادر السيارة ، و وقف على مسافة مترين منها ، فى نفس الوقت الذى ظهرت فيه سيارة أخرى اتجهت نحوهما مباشرة ، ثم هبط منها رجل فى مثل طول الأول و نحوله ، و جلس إلى جوار ( إبراهيم ) و هو يسأله :
- هل ترغب حقاً فى استعادة ابنك ؟!
هتف ( إبراهيم ) فى لهفة :
- و مستعد لفعل أى شئ فى الدنيا ؛ فى سبيل هذا
ابتسم الرجل قائلاً :
- عظيم
ثم أخرج من جيبه عدة أوراق ، قدمها له ، مستطرداً :
- وقع هذه الأوراق إذن .. بعد أن تعيد كتابتها بخطك بالطبع
و اتسعت عينا ( إبراهيم ) فى رعب حقيقى ، و يحدق فى الأوراق ..
كانت عبارة عن اعتراف بعمله لحساب المخابرات الإسرائيلية ، منذ عام 1971م مع عدد من الخطابات التى تحتوى أسراراً عسكرية عديدة ، مرسلة الى عنوان ( الموساد ) فى ( روما ) ، و إيصالات بتلقى مبالغ مختلفة من الإسرائيليين ، نظير معلومات خطيرة
باختصار ، كان هناك كل ما يكفى لإدانته بتهمة الخيانة العظمى ، و فى زمن الحرب مما يستوجب إعدامه بلا رحمة ..
و كان الرجل واضحاً صريحاً ..
إما إعادة كتابة الخطابات و التوقيع عليها
أو حياة ( طارق )
و لم يكن أمام المهندس ( إبراهيم ) مجال للإختيار ..
فكل شئ فى الدنيا يهون ، من أجل ( طارق )
و طوال ثلاث ساعات كاملة راح يعيد كتابة الإعتراف و الخطابات و الإيصالات و يمهرها بتوقيعه ثم يسلمها إلى عميل المخابرات الإسرائيلية ، الذى دسها فى حقيبته و هو يقول ، فى صرامة :
- ( طارق ) سيعود الى المنزل ، فور تلقينا أول معلومات حقيقية ، ترسلها إلينا من هنا ، على العنوان فى ( سالزبورج ) و ينبغى أن تعلم أن أية محاولة لخيانتنا ، سيكون ثمنها حياة ابنك ، حتى بعد أن نعيده إليك ..
و عاد ( إبراهيم ) إلى منزله بدون ( طارق ) و قد حمل على كتفيه طناً من الهموم و الأحزان و المرارة و العار ..
و مع انهيار زوجته ، و دموعها التى أغرقت وسادتها ليلة كاملة ، جلس هو صامتاً يفكر و بركان هائل يغلى فى رأسه ، و تلهب حممه عروقه
كان عليه أن يفعل أى شئ فى الدنيا ، و أن يحمل قراره ، أياً كان ، هدفاً واحداً لا غير ، مهما كانت النتائج ..
مصلحة ( طارق ) .. وحدها .
و فى الصباح التالى ، و بعد ساعتين فحسب من وصوله إلى عمله كان المهندس ( إبراهيم ) يكتب أول خطاباته ، الذى يحوى كل ما بلغته يداه من معلومات عسكرية ، و يرسله إلى ذلك العنوان فى ( سالزبورج )
و أوفى الإسرائيلى بوعده فلم يمض يوم واحد ، على وصول الخطاب و مراجعة ( ديلشمسكى ) بنفسه له ، حتى عاد ( طارق ) إلى المنزل فى منتصف النهار ..
كان شاحباً ممتقعاً ، و إن لم يصبه خدش واحد ، و لكن الملاحظ أنه لم يتحدث عما حدث قط ، و لم يحاول النظر الى والده أبداً ، و كأنما يفهم ما حدث ، و يدرك مدى ما تورط فيه الأب ، فى سبيل إنقاذه
و لم يحاول ( إبراهيم ) تفسير موقفه ، أو مناقشة الأمر مع ابنه ، و كأنما يدرك بدوره فداحة الأمر و خطورته
و طوال الشهر التالى واظب المهندس ( إبراهيم ) على إرسال الخطابات إلى ( سالزبورج ) مستخدما ذلك النوع البسيط من الحبر السرى الذى دربه عليه الإسرائيلى ، خلال يومين فحسب ..
و فى ( تل أبيب ) ، كان ( يارون ديلشمسكى ) يراجع كل الخطابات بنفسه ، و يدرسها و يصنف معلوماتها جنباً إلى جنب ، و يفحصها و يمحصها ، حتى استقر أمره على قرار واضح نقله مباشرة إلى الرئيس ، قائلاً بنفس زهوه و غروره :
- تماماً كما توقعنا ، لا يوجد دليل واحد على أن المصريين يفكرون مجرد تفكير فى خوض الحرب .. إنهم هادئون تماماً .. ضباطهم يستعدون لأداء عمرة ( رمضان ) ، و رئيسهم يتجنب الحديث عن الحرب ، بحجة أن المتغيرات الدولية لا تسمح بهذا ، و قائد قواتهم الجوية يستعد لزيارة ( ليبيا ) و جنودهم يسترخون و يستمتعون بحمامات الشمس ، على شاطئ القناة
ثم اتسعت ابتسامته ، و هو يضيف :
- يمكن لرئيسة الوزراء نسيان فكرة الحرب هذه تماماً
و فى المساء نفسه ، أرسل رئيسه تقريراً رسمياً بكل هذا الى رئيسة الوزراء الاسرائيلية ، بتوقيع ( ديلشمسكى ) ، و بتاريخ اليوم الرابع من أكتوبر 1973م..
و بعد يومين بالضبط ، و فى أحد المبانى التابعة للمخابرات العامة ، كان رجل المخابرات المصرى ( رفعت ) يبتسم ، و هو يقول للمهندس ( إبراهيم ) :
- صدقنى أيها المهندس .. أنا لم أر شخصاً بشجاعتك و وطنيتك هذه قط .. لقد كنت تدرك أن حياة ابنك قد تكون ثمن تعاونك لخداع الإسرائيليين ، و إيهامهم بأننا لا نفكر فى شن الحرب قط ، و على الرغم من هذا فقد لجأت الينا ، و شرحت لنا الأمر كله ، و نفذت كل ما طلبناه منك ، حتى باغتتهم الحرب اليوم ، و حطمت غرورهم و غطرستهم فى ساعات معدودة
أغمض ( إبراهيم ) عينيه مغمغماً :
- حمداً لله .
ثم فتحهما مستطرداً فى حزم :
- لقد فعلت كل هذا من أجل ( طارق ) ، من أجل ألا يشب و هو يشعر أن والده قد خان وطنه ، لأى سبب كان .. فعلته حتى لا يفقد انتماءه لبلده الذى أنجبه و رباه .. من أجل ( طارق ) و مستقبله ، قررت أن ينمو فى وطن حر و مستقل ، حطم هزائمه ، و صنع انتصاراته
ثم اغرورقت عيناه بالدموع ، من فرط الإنفعال ، و هو يضيف :
- حتى و لو كان الثمن هو حياته .. و حياتنا جميعاً ..!
ربت ( رفعت ) على كتفه ، قائلاً فى حزم :
- لقد فعلت الصواب يا سيد ( إبراهيم ) .. فعلته لوطنك ، و ابنك و لنفسك أيضاً .. و اطمئن .. ( طارق ) سيبقى دائماً تحت حمايتنا ، و لن يمس الأعداء شعرة واحدة من رأسه
و استعاد ابتسامته ، مستطرداً :
- و سيظل يزهو طيلة عمره ، بأنه ابن واحد من أبطال ( مصر ) .
لحظتها شعر ( إبراهيم ) بأن كل مخاوفه قد زالت ، و بأن فيضاً من الإطمئنان و الإرتياح ، يسرى فى عروقه ، و يملاء كيانه كله ..
و عندما تخيل الإسرائيليين ، و حالة العار التى يشعرون بها بعد أن باغتتهم الحرب ، بضربة جوية ساحقة ، و بعبور كسر أنفهم ، و حطم أسطورتهم إلى الأبد ، وجد نفسه ينفرد فى فخر و زهو حقيقيين ، حتى أنه غادر المبنى عائداً الى ( طارق ) و أمه ، و هو يسير مختالاً كالطاووس ..
طاووس مصرى ..
ظافر .


* * *
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://kotorthanwya.ahlamontada.net
 
الطــــــــاووس د. نبيل فاروق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فاروق الرشيدي:الأب مظلوم في الدراما المصرية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شباب قطور الثانوية :: الأقسام العامة :: واحة الأدب والشعر :: المنتدي القصصي-
انتقل الى: